بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد
اعضائنا الكرام بمناسبة وصول مساهماتي الى 300 مساهمة عبر هذا الموضوع اردت ان يكون هذا الموضوع مميزا وخاصا وشاملا هذه الصفات التي اتحدث عنها لاتنطبق الا على سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم لن اطيل عليكم الكلام اترككم مع الموضوع الان:-
[size=18]محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب يعتبر رسول الله للبشرية كافة ليعيد الناس لتوحيد الله وعبادته على ملة إبراهيم، وهو خاتم النبيين والرسل. عند ذكر اسمه، يُلحِق المسلمون عبارة صلى الله عليه وسلم لما جاء في القرآن والسنة النبوية مما يحثهم على الصلاة عليه،ويزيدها بعضهم صلى الله عليه وآلهإتباعاً لما ورد في عدد من الأحاديث، وكذلك يضيف المسلمون السنة الصلاة على أصحابه أحيانًا.
ولد في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة (هجرته من مكة إلى المدينة)، ما يوافق سنة 570 ميلاديًا و52 ق هـ. وبعض المصادر تقول أنه ولد حسب التقويم الميلادي عام 571 م . ولد يتيم الأب وفقد أمه في سن مبكرة فتربى في كنف جده عبد المطلب ثم من بعده عمه أبي طالب حيث ترعرع، وفي تلك الفترة كان يعمل بالرعي ثم عمل بالتجارة. تزوج في سن الخامسة والعشرين من خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل ذريته باستثناء إبراهيم. كان حنيفياً قبل الإسلام يعبد الله على ملة إبراهيم ويرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية.انزل الوحي عليه وكُلّف بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سراً لثلاث سنوات، قضى بعدهن عشر سنوات أخر في مكة مجاهراً بدعوة أهلها وكل من يرد إليها من التجار والحجيج وغيرهم. هاجر إلى المدينة المنورة والمسماة يثرب آنذاك عام 622 م وهو في الثالثة والخمسين من عمره بعد أن تآمر عليه سادات قريش ممن عارضوا دعوته وسعوا إلى قتله؛ فعاش فيها عشر سنين أخر داعياً إلى الإسلام، وأسس بها نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت لاحقاً وشملت مكة وكل المدن والقبائل العربية، حيث وحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية.
خلفية تاريخية
من الناحية السياسية، كانت شبه جزيرة العرب مفككة، لا توحدها دولة ولا تديرها حكومة، وكانت الدول القديمة التي قامت في اليمن ونجد وأطراف العراق والشام قد اندثرت، وطغت البداوة على المدن الباقية في الحجاز، فكانت القبيلة هي الوحدة السياسية والإجتماعية، وكانت مكة تُدار من قبل الملأ في دار الندوة. والمدينة المنورة في حالة نزاع دائم بين الأوس والخزرج. أما دولة المناذرة في الحيرة ودولة الغساسنة في الأردن والجولان فقد سمح الفرس والروم للدولتين بالنشوء لتكونا دولتين حاجزتين تصدان عنهما غزو القبائل العربية، وتتوليان حماية القوافل التجارية. وقد أسقط الفرس دولة المناذرة سنة 602م قبل البعثة المحمدية بثمان سنوات.
أما من الناحية الإقتصادية، فقد كان بدو العرب يعتمدون على الرعي والتنقل لأماكن الماء، مما يجعلها في حروب مع بعضها للحصول على المورد الأفضل.أما في المدن، فكان يقوم فيها النشاط التجاري والزراعي والصناعي، فمكة كان يغلب عليها النشاط التجاري، وتتحكم بطرق التجارة بين اليمن والشام حيث تمر القوافل، وقد استفادت مكة من مكانة الكعبة الدينية عند العرب في حماية قوافلها التجارية.
مواقع أهم القبائل والممالك في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام
أما المدينة فكان يغلب عليها الزراعة حيث بساتين النخيل والأعناب والفواكه. واستعمل العرب الدينار البيزنطي والدرهم الفارسي في التبادل التجاري.أما الصناعة فقد عُرفت المدينة بصياغة الحلي الذهبية والفضية؛ وصناعة السيوف والرماح والنبال والدروع، كما قامت في المدن العربية حرف الحدادة والصياغة والدباغة، والغزل والنسيج. وكان العرب يعرفون أنواعًا من المعاملات المالية كالقراض والمضاربة والرهن.
من الناحية الدينية كانت الوثنية تسود شبه جزيرة العرب بشكل غالب،حيث كانوا يعبدون آلهة يمثلونها في أصنام مصنوعة من الحجر والخشب بلغ عددها 360 صنمًا حول الكعبة تعبدها القبائل التي تؤم البيت للحج وتقدم لها القرابين والنذر.كان من أقدمها وأكبرها "مَناة" (لهُذَيْل وخزاعة)، و"اللات" (لثقيف)، و"العُزَّى" (لقريش مع كثير من القبائل الأخرى). ومع ذلك بقي لديهم شعائر من بقايا دين إبراهيم مثل تعظيم الكعبة، والطواف بها، والحج، والعمرة.وكان هناك أفراد من الموحدين على ملة إبراهيم وإسماعيل كانوا موجودين في مكة عرفوا بـ الأحناف. تواجدت أيضًا ديانات بشكل محدود مثل اليهودية في اليمن والمدينة، والنصرانية في نجران والحيرة ودوحة الجندل وأطراف الشام. كذلك وُجد انتشار محدود للمجوسية قادمًا من إيران.
نسبه
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب (واسمه شيبة) بن هاشم (واسمه عمرو) بن عبد مناف (واسمه المغيرة) بن قصي (واسمه زيد) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (وهو الملقب بقريش) بن مالك بن النضر (واسمه قيس) بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (واسمه عامر) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، غير أنه لم يحدد عدد ولا أسماء من كانوا بين عدنان وإسماعيل وإن ثبتت الصلة بينهما. وكان لمحمد صلة قرابة تربطه بجميع بطون قريش، قال ابن عباس: «إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة.
أسماء آباء وأمهات النبي محمد
أبوه: هو عبد الله بن عبد المطلب، أمّه "فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب"، وكان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب وأعفّهم وأحبّهم إليه وأصغرهم من بين أولاده، وهو الذبيح، الذي فداه أبوه بمئة من الإبل في الواقعة المعروفة حسب التراث الإسلامي.
أمّه: هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، كان أبوها سيد بني زهرة نسبًا وشرفًا، وأمّها هي "برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب". وكانت آمنة تُعد يومئذٍ أفضل امرأة في قريش نسبًا وموضعًا.
أعمامه وعماته: هم الزبير، والعباس، وحمزة، والمقوم (واسمه عبد العزى)، والحارث، والغيداق، وأبو لهب (واسمه عبد العزى)، وأبو طالب (واسمه عبد مناف)، وضرار. وأما عماته فهنّ عاتكة، وأميمة، وأروى، والبيضاء (وهي أم حكيم)، وبرّة، وصفية.
أخواله وخالاته: لم يكن لمحمد أخوال وخالات (أخوة لأمّه) إلا عبد يغوث بن وهب، وكان بنو زهرة يقولون إنهم أخوال محمد لأن آمنة أمّه كانت منهم.
يعتقد المسلمون بأن الله اصطفى نبيّهم محمدًا واختاره من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب، حيث قال «خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي»، وقال أيضًا «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» وقال أيضًا: «إن الله تعالى خلق الخلق، فجعلني في خير فرقهم، وخير الفرقتين، ثم تخيّر القبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم تخيّر البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا، وخيرهم بيتًا»
نشأته
أوّل من أرضعته من المراضع وذلك بعد أمه بأسبوعثويبة مولاة أبي لهب، كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت محمدًا بلبن ابن لها يقال له "مسروح"، ويروي البخاري أنه «لما مات أبو لهب رآه بعض أهله بمنامه، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألقَ بعدكم (أي لم ألقَ بعدكم خيرًا) غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة». وكانت ثويبة قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي وقيل بل أرضعتهما معه. وكانت أم أيمن واسمها "بركة الحبشية" تحضنه حتى كبر،وكان يقول لها "يا أُمّه"، وكان إذا نظر إليها قال "هذه بقية أهل بيتي".
كان من عادة العرب أن يلتمسوا المراضع لمواليدهم في البوادي، فجاءت نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن أطفالًا يرضعنهم فكان محمد من نصيب حليمة بنت أبي ذؤيب لترضعه مع ابنها "عبد الله" في بادية بني سعد، وزوجها هو "الحارث بن عبد العزى بن رفاعة"، وكان لهما ابنتان هما "أنيسة" و"حذافة" ولقبها الشيماء والتي روي أنها كانت تحضنه مع أمها إذا كان عندهم. وأجمع رواة السير أن بادية بني سعد كانت تعاني إذ ذاك سنة مجدبة قد جفّ فيها الضرع ويبس الزرع، فلما جاء محمد إلى باديتهم عادت منازل حليمة مخضرّة وأغنامها ممتلئة الضرع. وكانت حليمة تذهب به لأمه كل بضعة أشهر، وقد عاش هناك سنتين حتى الفطام وعادت به حليمة إلى أمّه لتقنعها بتمديد حضانته خوفًا من وباء بمكة وقتها ولبركة رأتها هي وزوجها من هذا الرضيع فوافقت آمنة.
وعندما بلغ سن الرابعة، وقيل الخامسة حدثت له حادثة "شق الصدر" والتي قد ورد في كتب السير تكرار مثيلها أكثر من مرة، فأعادته حليمة إلى أمه، وقد روى مسلم تلك الحادثة فقال:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك. ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه (جمعه وضم بعضه إلى بعض) ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (مرضعته) فقالوا: إن محمدًا قد قُتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.
توفيت أمّه، وهو ابن ستة سنوات أثناء العودة من زيارة لأخواله من بني عدي بن النجار، بمكان يسمى الأبواء(وهي قرية من أعمال الفُرُع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا) فحضنته أم أيمن، وحملته إلى جده عبد المطلب ليكفله بعد ذلك ليعيش معه بين أولاده. ولما توفي عبد المطلب بمكة ومحمد ابن ثماني سنوات، ورأى قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبو طالب شقيق أبيه، فكفله أبو طالب وضمه لأولاده وقدّمه عليهم، وظل يعزه ويحميه ويؤازره ما يربو على الأربعين سنة، يصادق ويخاصم من أجله حتى توفي في عام الحزن.
شبابه
لم يكن عمّه أبو طالب ذا مال وفير، فاشتغل محمد برعي الغنم يأخذ عليه أجرًا مساعدةً منه لعمّه، فقد ورد عنه أنه قال «ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم. فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة»، وفي الثاني عشر من عمره سافر مع عمه أبي طالب إلى الشام للتجارة، فلما نزلوا منطقة "بصرى" في الشام مرّوا على راهب اسمه "بحيرى" وكان عالمًا بالإنجيل، فجعل ينظر إلى محمد ويتأمله ويكلّمه، ثم دار بينه وبين أبي طالب حوار:
قال الراهب لأبي طالب: ما يكون هذا الغلام منك؟ قال: ابني. قال: ما هو بابنك وما ينبغي أن يكون أبوه حيًا. قال: فإنه ابن أخي. قال: فما فعل أبوه؟ قال أبو طالب: توفي وأمه حبلى به. قال: فما فعلت أمه؟ قال: توفيت قريبًا. قال: صدقت، ارجع بابن أخيك إلى بلدك واحذر عليه اليهود فوالله إن رأوه أو عرفوا منه الذي أعرف ليبغنه عنتًا فإنه كائن لابن أخيك شأن عظيم نجده في كتبنا وما ورثنا من آبائنا، وقد أخذ علينا مواثيق. قال أبو طالب: من أخذها عليكم؟ فتبسم الراهب ثم قال: الله أخذها علينا، نزل به عيسى بن مريم، فأقلِل اللبث وارجع به إلى بلده مولده، فإني قد أديت إليك النصيحة، فإن اليهود تطمع أن يكون فيها ومتى يعلموا أنه من غيرها يحسدوه. فأسرع به أبو طالب عائدًا إلى مكة.
لُقب بمكة بـ "الصادق الأمين"، فكان الناس يودعونه أماناتهم لما اشتهر به من أمانة. وكذلك فإنه لم يسجد لصنم قط، رغم أنتشار ذلك في قريش ولم يشارك شبابهم في لهوهم ولعبهم، وإنما كان يشارك كبرائهم في حربهم ومساعدتهم بعضًا بعضًا، ففي الرابعة عشر من عمره وقيل في العشرين من عمره حدثت "حرب الفِجَار" بين قريش ومن معهم من كنانة وبين هوازن، فشهد بعض أيامهم، وقد قال عن تلك الحرب «كنت أنبل على أعمامي» أي أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم بها. كما شارك قريش في "حلف الفضول" وهو ميثاق عقدته قريش في دار عبد الله بن جدعان بمكة، وتعاهدت فيه أن تحمي الضعفاء والمظلومين، قال محمد «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا، لو دعيت به في الإسلام لأجبتم». ولمّا أصاب الكعبة سيل أدّى إلى تصدّع جدرانها، قرر أهل مكة هدمها وتجديد بناءها، وفي أثناء ذلك اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في موضعه، فاتفقوا على أن يضعه أول شخص يدخل عليهم فلما دخل عليهم محمد وكان عمره خمسًا وثلاثين سنة قالوا "هذا الأمينُ قد رَضينا بما يقضي بيننا"، فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه.
نزول الوحي
غار حراء، حيث نزل من الله على محمد الوحي
لما بلغ محمد سن الأربعين اعتاد أن يخرج إلى غار حراء (طوله أربعة أذرع "2.16م"، وعرضه ذراع وثلاثة أرباع ذراع "0.945م") في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة في الجانب الشمالي الغربي منها في كل عام شهرًا من السَّنة، فيأخذ معه الطعام والماء ليقيم فيه الشهر بأكمله ليتعبد ويتأمّل ويتحنّث. ويعتقد المسلمون بأنه في يوم الاثنين في السابع عشر من رمضان وقيل في الرابع والعشرين منه وقيل 21 رمضان ليلًا، الموافق 10 أغسطس سنة 610م نزل الوحي لأول مرّة على محمد وهو في غار حراء، فيروي البخاري في صحيحه:
أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه المَلك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: ﴿اقرأ باسم ربّك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربّك الأكرم * الذي علّم بالقلم * علّم الإنسان ما لم يعلم﴾. فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زمّلوني زملّوني، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرّحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرءًا تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوَمخرجيّ هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلا عُودِي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا
ثم ما لبث ورقة أن توفي، فكان يقول محمد عنه: «لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين»، ثم بعد تلك الحادثة، فَتَر عنه الوحي مدة قيل أنه ثلاث سنوات وقيل أقلّ من ذلك، ورجح البوطي ما رواه البيهقي من أن المدة كانت ستة أشهر، تروي عائشة بنت أبي بكر ذلك فتقول: «وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلّما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدّى له جبريل، فقال: "يا محمد، إنك رسول الله حقًا". فيسكن لذلك جأشه، وتقرّ نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك». يقول أيضًا عن نفسه محدّثًا عن تلك الفترة:
فبينا أنا أمشي، سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء، قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجئثت منه، حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت: زملوني زملوني، فأنزل الله تعالى: ﴿يا أيّها المدثر * قم فأنذر * وربّك فكبّر * وثيابك فطهّر * والرجز فاهجر﴾
وبذلك يكون أول ما نزل علي من القرآن بعد أول سورة العلق، أول سورة القلم، والمدثر والمزمل والضحى والليل. ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع لمدة ثلاثة وعشرين عامًا حتى وفاته.وكان يقول عندما سُئل: كيف يأتيك الوحي؟ «قال صلى الله عليه وسلم: أحيانًا في مثل صلصلة الجرس، فهو أشده عليّ فيفصم عني وقد وعيت ما قال. وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول»، قالت عائشة: «ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقًا».
وفي نفس تلك الفترة حدثت له حادثة "شق الصدر" للمرّة الثانية، يقول عن تلك الحادثة عندما سأله أبو ذر الغفاري: كيف علمت أنك نبي أول ما علمت حتى علمت ذلك واستيقنت؟ فقال:
يا أبا ذر، أتاني ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة، فوقع أحدهما في الأرض والآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: هو هو. قال: فزِنه برجل، فوُزنت برجل فرجحته، ثم قال: زنه بعشرة، فوزنني بعشرة فرجحتهم، ثم قال: زنه بمائة، فوزنني بمائة فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف، فوزنني بألف فرجحتهم، فجعلوا ينتثرون علي من كفة الميزان. فقال أحدهما للآخر: لو وزنته بأمّته رجحها. ثم قال أحدهما لصاحبه: شُقَّ بطنه. فشق بطني، ثم قال أحدهما: أخرج قلبه أو قال: شق قلبه. فشق قلبي فأخرج منه مغمز الشيطان وعلق الدم، فطرحها. ثم قال أحدهما للآخر: اغسل بطنه غسل الإناء واغسل قلبه غسل الإناء أو اغسل قلبه غسل الملاءة. ثم دعا بالسكينة كأنها وجه هرة بيضاء، فأدخلت قلبي ثم قال أحدهما لصاحبه: خط بطنه. فخاطا بطني وجعلا الخاتم بين كتفي. فما هو إلا أن وليا عنّي فكأنما أعاين الأمر معاينة
الإسراء والمعراج (2 ق هـ)
صورة من الأعلى للصخرة الموجودة في قبة الصخرة في المسجد الأقصى، حيث عرج محمد منها إلى السماوات العُلى
بعد رحلة الطائف على أرجح الأقوال،حدثت للنبي محمد رحلة الإسراء والمعراج، وقد اختُلف في تحديدها على عشرة أقوال، فقيل أنها كانت ليلة السابع والعشرين من رجب بعد البعثة بعشر سنين (3 ق هـ)، وقيل بل كانت ليلة السبت السابع عشر من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرًا (2 ق هـ)، وقيل في السابع عشر من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة (1 ق هـ). وجمهور المسلمين يؤمنون بأن هذه الرحلة كانت بالروح والجسد معًا يقظةً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وكانت قد حدثت له حادثة شق الصدر للمرة الثالثة قبل أن يركب البراق، بصحبة جبريل. فنزل في المسجد الأقصى وربط البراق بحلقة باب المسجد، وصلّى بجميع الأنبياء إمامًا، ثم عُرج به إلى فوق سبع سماوات مارًا بالأنبياء آدم، ويحيى بن زكريا وعيسى بن مريم، ويوسف، وإدريس، وهارون وموسى وإبراهيم. وانتهى إلى سدرة المنتهى ورأى الجنة والنار. وأنه قد رأى ربّه بعيني رأسه (بحسب رأي جمهور علماء المسلمين)، وفٌرض عليه الصلوات الخمسة بعد أن كانت خمسين صلاة. ثم انصرف في ليلته عائدًا راكبًا البراق بصحبة جبريل، فوصل مكة قبل الصبح، فلما أصبح أخبر قومه برحلته فاشتد تكذيبهم له وأذاهم، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فتمثّل له بيت المقدس حتى عاينه، فبدأ يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئًا، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال. وصدّقه بكل ما قاله أبو بكر فسُمي يومئذ الصّدّيق.
الهجرة إلى المدينة (1 هـ / 622م)
اشتد البلاء على المسلمين من قريش بعد بيعة العقبة الثانية، فشكوا ذلك إلى محمد واستأذنوه في الهجرة إلى يثرب، فأذن لهم، فجعل القوم يخرجون ويخفون ذلك، فكان أول من قدم المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم قدم المسلمون أرسالاً فنزلوا على الأنصار في دورهم فآووهم ونصروهم. ولم يبق بمكة منهم إلا النبي محمد وأبو بكر وعلي أو مفتون محبوس أو ضعيف عن الخروج
ولما رأت قريش خروج المسلمين، خافوا خروج محمد، فاجتمعوا في دار الندوةواتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من قريش شابًا فيقتلون محمد فيتفرق دمه في القبائل. وأتى جبريل محمد فأخبره الخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر محمد عليًا أن ينام مكانه ليؤدي الأَمانات التي عنده ثم يلحق به. واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثوا على رؤوسهم التراب تاليًا من القرآن آيات من سورة يس، فجاء إلى أبي بكر بعد أن أذن الله له بالهجرة، وقد كان أبو بكر قد جهز راحلتين للسفر، فأعطاها محمد لعبد الله بن أُرَيْقِط، على أن يوافيهما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، فخرجا ليلة 27 صفر سنة 14 من النبوة (1 هـ)، الموافق 12/13 سبتمبر سنة 622م، وحمل أبو بكر ماله كلّه ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف، فمضيا إلى غار ثور فدخلاه وضربت العنكبوت على بابه بعش، وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم، فخرجت قريش في طلبه حتى وصلوا باب الغار، فقال بعضهم «إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد» فانصرفوا. ومكث محمد وأبو بكر في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، حتى خرجا من الغار 1 ربيع الأول، وقيل ليلة الإثنين 4 ربيع الأول، وكان أبو بكر قد استأجر "عبد الله بن أريقط" دليلاً لهما. فلما راحوا منها عرض لهم سراقة بن مالك وهو على فرس له فدعا عليه محمد فرسخت قوائم فرسه فقال يا محمد أدع الله أن يطلق فرسي وأرجع عنك وأرد من ورائي ففعل فأطلق ورجع فوجد الناس يلتمسون محمد فقال «ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ههنا» فرجعوا عنه.
ولما وصل خبر خروج محمد وأبي بكر من مكة، بدأ المهاجرون يرصدون قدوم محمد في كل يوم في منطقة "الحرّة" حتى وصل قباء يوم الإثنين 8 ربيع الأول،وقيل 12 ربيع الأول فجاءه المسلمون يسلمون عليه، ونزل على كلثوم بن الهدم، وكان يتحدث مع أصحابه في منزل سعد بن خيثمة، ونزل أبو بكر على خبيب بن إساف.وأقام علي بن أبي طالب بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى الودائع التي كانت عند محمد للناس، حتى إذا فرغ منها لحق بمحمد فنزل معه على كلثوم بن هدم. وبقي محمد وأصحابه في قباء عند بني عمرو بن عوف يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجد قباء لهم، ثم انتقل إلى المدينة فدخلها يوم الجمعة 12 ربيع الأولسنة 1 هـ الموافق 27 سبتمبر سنة 622م،وعمره يومئذ ثلاث وخمسين سنة، ومن ذلك اليوم سميت يثرب بـ مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعبر عنها بالمدينة مختصرًا أو المدينة المنورة. ولما دخل المدينة، راكبًا ناقته القصواء، تغنت بنات الأنصار فرحات:
طلع البدر علينا......من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا......ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا..جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة..مرحبًا يا خير داع
واعترضته الأنصار لا يمر بدار من دورهم إلا قالوا «هلم يا نبي الله إلى القوة والمنعة والثروة» فيقول لهم خيرًا ويدعو لهم، ويقول «إنها مأمورة فخلوا سبيلها»، فجعل الناس يكلمونه في النزول عليهم، حتى انتهت فبركت في مربدلغلامين يتيمين من بني النجار فأمر ببناء مسجد عليه، وهو المسجد النبوي الآن، ثم جاء أبو أيوب الأنصاري فحطّ رحله فأدخله منزله فقال محمد «المرء مع رحله»، وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته، فكانت عنده، وخرجت جوارٍ من بني النجّار فرحات بقدومه وهنّ يضربن بالدف ينشدن: «نحن جوار من بني النجار، يا حبّذا محمد من جار». وكان أول شيء يتكلم به في المدينة أن قال «يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا والناس نيام وادخلوا الجنة بسلام».وبعد أيام وصلت إليه زوجة النبي محمد سودة بنت زمعة، وبنتاه فاطمة وأم كلثوم، وأسامة بن زيد، وأم أيمن، وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر، ومنهم عائشة، وبقيت زينب عند أبي العاص، لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر، بعد أن وقع زوجها أسيرًا لدى المسلمين، ثم أُطلق سراحه شرط أن يترك زينب تهاجر للمدينة.
وقد اتّخذ عمر بن الخطاب من مناسبة الهجرة بداية التاريخ الإسلامي، لكنهم أخّروا ذلك من ربيع الأول إلى محرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في محرم، إذ كانت بيعة العقبة الثانية في أثناء ذي الحجة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال محرم، فكان بداية التاريخ الإسلامي والمسمى بـ التقويم الهجري.
فتح مكة
كان من نتائج صلح الحديبية أن دخلت قبيلة خزاعة في حلف محمد، فسَرَت عليها بنود الصلح، في حين تحالف أعداؤهم بنو بكر مع قريش، وكان بين بني بكر وخزاعة حروب وقتلى في الجاهلية، فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر الإسلام، فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرًا، ثم أغارت بنو بكر على خزاعة على ماء لهم يقال له "الوتير" ليلاً في خفية، فقتلوا منهم أناس، وأمدت قريش بني بكر بالسّلاح وقاتل بعضهم معهم. فلما انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على محمد وهو جالس في المسجد فقال:
يَـا رَبّ إنّي نَاشِدٌ مُحَمّدًا...........حِلفَ أبِينَا وأبِيهِ الأتْلَدَا
قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدًا..........ثُمّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
فَانْصُرْ هَدَاك اللّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا....وَادْعُ عِبَادَ اللّهِ يَأْتُوا مَدَدَا
إنّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا.........وَنَقَضُوا مِيثَاقَك الْمُوَكّدَا
هُمْ بَيّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجّدًا...............وَقَتَلُونَا رُكّعًا وَسُجّدَا
وزَعَمُوا أنْ لَستُ أَدعُو أَحَدًا.......وَهُـم أَذَلُّ وَأَقَـلُّ عَـدَدًا
فقال له محمد «نُصِرتَ يا عمرو»، ثم جاء أبو سفيان بن حرب قادمًا من مكة يريد تجديد الصلح، فُوبل بالرفض. ثم أمر الناس بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة وهو يكتم ذلك حتى يبغت قريشًا، واستنفر الأعراب والقبائل المسلمة، فخرج في 10,000 مقاتل يوم 10 رمضان 9 هـ، والناس يومئذ صائمون. ولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبد المطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلمًا مهاجرًا، ثم لما كان بالأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث وابن عمته عبد الله بن أبي أمية فأسلما، ثم عسكر بالجيش في مر الظهران وأُوقدت عشرة آلاف نار، فجاء أبو سفيان بن حرب يتحسس، فلقيه العباس بن عبد المطلب وجاء به إلى محمد فأسلم أبو سفيان. وفي يوم الثلاثاء 17 رمضان سنة 8 هـ، تابع الجيش مسيره إلى مكة، في أثناء ذلك مرّ سعد بن معاذ بأبي سفيان قائلاً: «اليوم يوم الملحمة، اليوم تُسْتَحَلُّ الكعبة» فلما بلغ ذلك القول محمدًا قال: «كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، يوم تُكسَى فيه الكعبة».ثم رجع أبو سفيان إلى مكة وجعل ينادي بكلمات أعطاها لها محمد: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! ومن أغلق عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن». ثم دخل الجيش مكة موزعين؛ فكان خالد بن الوليد ومن معه دخلها من أسفلها، والزبير بن العوام ومن معه من أعلاها، وأبو عبيدة بن الجراح من بطن الوادي وأمرهم أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، وأهدر يومئذ دماء تسعة نفر، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، فلم يحصل قتال إلا ما كان من خالد بن الوليد ومن معه فقد قتلوا اثني عشر رجلاً ثم وصل الجيش الكعبة، فدخلوا المسجد، فأقبل محمد إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا، فجعل يطعنها بالقوس ويقول ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ والأصنام تتساقط على وجوهها. ثم خاطب قريشًا فقال
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.. ثم قال: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فإني أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطُلَقَاء
ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه، والأنصار تحته يقول بعضهم لبعض «أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته». فجاءه الوحي بما يقولون، فقال «يا معشر الأنصار، قلتم "أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته"؟» قالوا: «قلنا ذلك يا رسول الله» قال «فما اسمى إذن، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم» فأقبل إليه الأنصار يبكون
حجة الوداع
مكث محمد في المدينة تسع سنين لم يحج فيها، وفي سنة ذي القعدة سنة 10 هـ عزم محمد على الحج، فأذن في الناس أنه خارج، فقدم المدينة بشرٌ كثيرٌ كلّهم يلتمس أن يأتم بالنبي محمد. فكانت حجّة الوداع أو حجّة البلاغ أو حجّة الإسلام، لأنه ودّع الناس فيها ولم يحجّ بعدها، ولأنه ذكر لهم ما يحلّ وما يحرم وقال لهم «هل بلغت؟»، ولأنه لم يحج من المدينة غيرها، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها. وفي يوم السبت 25 ذو القعدة سنة 10 هـ خرج محمد على ناقته "القصواء" إلى مكة للحج، وخرج معه حوالي 100,000 من المسلمين من الرجال والنساء، واستعمل على المدينة أبا دُجانة. فلما وصل ذا الحليفة أحرم هناك وصلى العصر ثم أكمل مسيره ملبيًا «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
دخل محمد مكة ضحى يوم الأحد 4 ذو الحجة من الثنية العليا، ودخل المسجد الحرام صبحًا من "باب عبد مناف" وهو باب بني شيبة المعروف الآن بـ "باب السلام"،وكان إذا أبصر البيت رفع يديه وقال «اللهم زِد هذا البيتَ تشريفًا وتعظيمًا ومهابةً وبرًا، وزِد مَن شَرَّفه وكرَّمه ممن حجّه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا». ثم دخل المسجد فبدأ بالحجر الأسود فاستلمه وفاضت عيناه بالبكاء ثم طاف بالبيت سبعًا، ثم صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم، ثم دخل زمزم فنزع له دلو فشرب منه ثم مجّ فيه ثم أفرغها في زمزم. ثم سعى بين الصفا والمروة سبعًا. وفي 8 ذو الحجة توجه إلى منى فبات فيها. وفي 9 ذو الحجة توجه إلى عرفة فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم، ثم خطب فيهم خُطبة الوداع، جاء فيها:
إن دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، ي بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ، وإن أول دم أضعُ من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هُذيل. وربا الجاهلية موضوعٌ، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح. ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات
وفي ذلك الموقف على جبل عرفة نزلت الآية القرآنية ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. ويشير المؤرخون بأنه في طريق عودته من مكة إلى المدينة في غدير خم قرب الجحفة تحت شجرة هناك، خطب محمد بالمسلمين ذَكَرَ فيها من فضل علي بن أبي طالب وأمانته وقربه إليه، وقد استدلّ الشيعة بتلك الخطبة على أحقيّة علي بخلافة وإمامة المسلمين بعد وفاة النبي محمد، بينما يرى أهل السنة أنه قد بيّن فضائل علي للذين لم يعرفوا فضله، وحث على محبته وولايته لما ظهر من ميل المنافقين عليه وبغضهم له، ولم يقصد أن يوصِ إليه ولا إلى غيره بالخلافة
وفاته
كان أول ما أُعلم به النبي محمد باقتراب أجله ما أُنزل عليه في فتح مكة، ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾. وبعد عودة محمد من حجة الوداع، أمر أسامة بن زيد بالمسير إلى أرض فلسطين، فبينا الناس كانوا يتجهّزون إذ ابتدىء محمد بشكواه الذى توفي فيه في ليال بقين من صفر، فاستبطأ الناس في الخروج لوجع محمد. وكان أول ما ابتدىء به من وجعه أنه خرج إلى البقيع ليلاً فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح ابتدىء وجعه وكان صداع الرأس مع حمّى، ويُروى أن سبب مرضه هو السمّ الذي دُسّ له في طعام وهو في خيبر، وكان من شدة وجعه أن كان يُغمى عليه في اليوم الواحد مرات عديدة. ثم دعا نساءه فاستأذنهن في أن يُمرّض في بيت عائشة بنت أبي بكر فانتقل إلى بيتها يمشي بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب. وبعد ذلك خرج عاصبًا رأسه حتى جلس على المنبر فقال «عبد خيّره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده» ففهم أبو بكر وبكى وقال «فديناك بآبائنا وأمهاتنا» فقال محمد «إنّ أمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن إخوة الإسلام. لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر»، ثم خطب فيهم مرات دعا فيها إلى إنفاذ جيش أسامة بن زيد، وأوصى المسلمين بالأنصار خيرًا. ولما ثقُل عليه المرض، أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، وعاد جيش أسامة بن زيد إلى المدينة وكان قبل وفاته بستة أيام تجمع عنده عدد من الصحابة فقال لهم وهو يبكي: «مرحبًا بكم وحيّاكم الله، حفظكم الله، آواكم الله، نصركم الله، رفعكم الله، هداكم الله، رزقكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم».وكانت عامة وصيته حين حضره الموت «الصلاة، وما ملكت أيمانكم».
فلما كان يوم الإثنين الذى توفي فيه، (بعد 13 يومًا على مرضه) خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح ففرحوا به، ثم رجع فاضطجع في حجر عائشة بنت أبي بكر، ثم تُوفي وهو يقول «بل الرفيق الأعلى من الجنة»، وكان ذلك ضحى يوم الإثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، الموافق 8 يونيو سنة 632م وقد تّم له ثلاث وستون سنة. فلما توفي قام عمر بن الخطاب غير مصدّقٍ للأمر، فقال «والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليبعثنه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم»،وجاء أبو بكر فكشف عن وجه محمد فقبّله، وقال «بأبي أنت وأمي، طبتَ حيًا ميتًا»، ثم خرج فقال كلمته المشهورة «ألا من كان يعبد محمدًا صلى الله عليه وسلم، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت» وقرأ ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾. يقول من شهد هذا الموقف «فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ». وقالت ابنته فاطمة الزهراء «يا أبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه».
ثم أقبل الناس يوم الثلاثاء على تجهيز محمد، فقام علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى محمد، بتغسيله وعليه ثيابه. ثم قام الصحابة برفع فراش محمد الذي توفي عليه في بيت عائشة، فحفر أبو طلحة الأنصاري له قبرًا تحته. ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالاً، دخل الرجال، ثم النساء، ثم الصبيان، ولم يؤم الناس أحد. ثم أنزله القبرَ عليّ والعباس وولداه الفضل وقُثَم، ورشّ قبره بلال بالماء، ورُفع قبره عن الأرض قدر شبر، وكان ذلك في جوف الليل من ليلة الأربعاء..
معجزاته
الرسول محمدًا أتى بعدد من المعجزات موجودة في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي؛ ويشير القرآن في عدة مواضع أن الرسول لم يُؤْتَ آيات أو معجزات كآيات الرسل من قبله وإنما أوتي القرآن، فهو معجزته الأساسية الباقية. من تلك المعجزات الأخرى انشقاق القمر، وتسبيح الحصي بين يديه وهناك معجزات أخرى.
القرآن
المصحف العثماني، أقدم نسخة من القرآن.
إنَّ القرآن هو معجزة النبي محمد الأساسية التي لم يستطع أحد على مر العصور أن يأتي بمثله بالرغم من تحدّيه بذلك، حيث ورد في القرآن: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾. ويتمثل إعجاز القرآن بشكل أساسي في بلاغته وفصاحته، فكان الإعجاز اللغوي هو أول وأهم أسباب إعجاز القرآن، لذا يعتبر علماء السنة أن ترجمة ألفاظ القرآن إلى لغات أخرى بنفس الدقة التي جاءت بها اللغة العربية هو أمر مستحيل. والإعجاز اللغوي يشمل عدة أوجه؛ منها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته، ومنها صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له. ومن وجوه الإعجاز الأخرى ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد، وما أنبأ به من أخبار القرون الماضية والشرائع السالفة. وحديثًا ظهر تيار يعتقد بوجود إعجاز علمي في القرآن، حيث تفسر بعض الآيات على أنها تثبت نظريات علمية لم يكتشفها العالم إلا بعد فترة طويلة جدًا من ظهور القرآن
انشقاق القمر
صورة لأخدود وُجد على سطح القمر أُخدت من قبل طاقم أبولو 10، والذي يفسره بعض المسلمين بأنه نتيجة معجزة انشقاق القمر
أجمع المفسرون وأهل السنة من المسلمين على وقوع معجزة انشقاق القمر لأجل النبي محمدكإحدى المعجزات الباهرات،وذلك بناء على طلب قريش كدليل على صدق نبوته، وكان ذلك قبل الهجرة إلى المدينة المنورة. قال عبد الله بن مسعود «انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا». وقال المشركون: هذا سحرٌ سحركم ابن أبي كبشة، ولكن انظروا إلى من يقدم من السفّار فسلوهم، فقدِموا فسَألوهم فقالوا: رأيناه قد انشق». وفي ذلك نزلت آية من القرآن ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾.
زوجاته
زوجات محمد بن عبد الله والمعروفات بأمهات المؤمنين
زوجات محمد يعرفن في الإسلام بـ أمهات المؤمنين، وقد اختُلف في عدد زوجات النبي اللاتي دَخَل بهنّ على قولين؛ أنهنّ إثنتا عشر أو إحدى عشر، وسبب الاختلاف هو في مارية القبطية، هل هي زوجة له أم ملك يمين. فالمتَّفق عليه من زوجاته إحدى عشرة. القرشيات منهنّ ست، هن: خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة، وأم حبيبة.والعربيات من غير قريش أربع، هن: زينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وزينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث. وواحدة من غير العرب وهي صفية بنت حيي من بني إسرائيل. وتبقى مارية القبطية وهي من مصر. وتوفِّيت اثنتان من زوجات النبي محمد حال حياته، وهما خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة، وتُوفي هو عن تسع نسوة.
أبناؤه ومواليه
كان لمحمد من الأولاد ثلاثة بنين وأربع بنات، جميعهم من زوجته خديجة إلا إبراهيم فهو من مارية، وكل أولاده ماتوا في حياته إلا فاطمة فإنها توفيت بعده. وأولاده البنين هم: القاسم وعبد الله وإبراهيم، وأما البنات فهنّ: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، فأما زينب فتزوجها قبل الهجرة ابن خالتها أبو العاص بن الربيع، وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان الواحدة بعد الأخرى، وأما فاطمة فتزوجها علي بن أبي طالب بين بدر وأحد، ومنها كان الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.
امتلك محمد عددًا من الموالي، منهم: زيد بن حارثة (وكان قد تبنّاه قبل الإسلام قبل إلغاء التبني) وأسامة بن زيد وثوبان بن بجدد وأبو هند، وأبو لبابة. ومن الإماء امتلك مارية القبطية (على خلاف في أنه هل أعتقها فتزوجها أم لا)، وريحانة بنت زيد (إحدى سبايا بني قريظة).
أسماؤه
ورد في التراث الإسلامي أنه كان لمحمد عدّة أسماء، فكان يقول عن نفسه «إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب»، وقال أيضًا «أنا نبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة». وقد اختلف علماء الدين الإسلامي في أسماء كثيرة أخرى، فجعلها بعضهم كعدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسمًا، وعدّ منها الجزولي في "دلائل الخيرات" 200 اسم، وأوصلها ابن دحية إلى 300 اسم. وقد كان من أهم أسباب الخلاف أن بعضهم رأى كل وصف وُصف به النبي في القرآن من أسمائه. في حين قال آخرون إن هذه أوصاف وليست أسماء أعلام. قال النووي: «بعض هذه المذكورات صفات، فإطلاق الأسماء عليها إنما هو مجاز».
صفته الشكلية
جمع المسلمون ما توارثوه الصحابة من وصف خلقة نبيّهم في كتب كثيرة عرفت باسم كتب الشمائل، وأشهر هذه الكتب هو (الشمائل المحمدية)، للترمذي. حيث ذكر فيه أحاديث كثيرة في وصفه، وكان مما جاء فيه مفرقًا:
رسم على البلاط لأثر قدم النبي محمد والذي تركه على "الصخرة" التي عرج منها إلى السماء في رحلة الإسراء والمعراج، يعود تاريخها للعام 1706، وهي محفوظة الآن في متحف بيناكي للفن الإسلامي في أثينا في اليونان
جسمه: كان فخمًا مفخمًا مربوعًا، ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب، لم يكن يماشي أحدًا من الناس إلا طاله. وكان أزهر اللون، ليس بالأبيض الأمهق، ولا بالأسمر.
رأسه وشعره: كان ضخم الرأس، عظيم الهامة. شديد سواد الشعر ولم يكن في شعره شديد الجعودة ولا مرسل، بل كان جعدًا رِجلا (فيه تثن قليل). توفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء وقد كان كثّ اللحية.
ذراعاه ويداه: كان طويل الذراعين كثيرا الشعر، رحب الراحة غليظ الكفين والقدمين، طويل الأطراف، وكان ضخم المفاصل.
إبطاه: كان أبيض الإبطين، وهي من علامات النبوة.
منكباه وصدره وبطنه: كان منكباه واسعين، كثيري الشعر، وكذا أعالي الصدر. وكان عاري الثديين والبطن. سواء البطن والصدر، عريض الصدر. طويل المسربة موصول ما بين اللبة (النقرة التي فوق الصدر) والسرة بشعر يجري كالخيط.
خاتم النبوة: غُدّة حمراء مثل بيضة الحمامة، أو مثل الهلال، فيها شعرات مجتمعات كانت بين كتفيه. وهي من علامات النبوة.
وجهه وجبينه: كان أسيل الوجه (المستوي) سهل الخدين ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة. وكان واسع الجبين مستويًا.
عيناه وحاجباه: كان طويل شِق العينين شديد سواد العينين في بياضها حمرة وكانت عيناه واسعتين ذات أهداب طويلة كثيرة. وكان حاجباه قويين مقوَّسين، متّصلين اتصالاً خفيفًا، بينهما عرق يدرّه الغضب.
أنفه: كان أنفه مستقيمًا، أقنى (طويلاً في وسطه بعض ارتفاع)، مع دقة أرنبته (هي ما لان من الأنف).
فمه وأسنانه: كان واسع الفم، في أسنانه رقة وتحدد، إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه.
قدماه: كان ضخم القدمين، يطأ الأرض بقدمه كلها ليس لها أخمص (الجزء المرتفع عن الأرض من القدم)، وكان منهوس العقبين (قليل لحم العَق)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد
اعضائنا الكرام بمناسبة وصول مساهماتي الى 300 مساهمة عبر هذا الموضوع اردت ان يكون هذا الموضوع مميزا وخاصا وشاملا هذه الصفات التي اتحدث عنها لاتنطبق الا على سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم لن اطيل عليكم الكلام اترككم مع الموضوع الان:-
[size=18]محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب يعتبر رسول الله للبشرية كافة ليعيد الناس لتوحيد الله وعبادته على ملة إبراهيم، وهو خاتم النبيين والرسل. عند ذكر اسمه، يُلحِق المسلمون عبارة صلى الله عليه وسلم لما جاء في القرآن والسنة النبوية مما يحثهم على الصلاة عليه،ويزيدها بعضهم صلى الله عليه وآلهإتباعاً لما ورد في عدد من الأحاديث، وكذلك يضيف المسلمون السنة الصلاة على أصحابه أحيانًا.
ولد في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة (هجرته من مكة إلى المدينة)، ما يوافق سنة 570 ميلاديًا و52 ق هـ. وبعض المصادر تقول أنه ولد حسب التقويم الميلادي عام 571 م . ولد يتيم الأب وفقد أمه في سن مبكرة فتربى في كنف جده عبد المطلب ثم من بعده عمه أبي طالب حيث ترعرع، وفي تلك الفترة كان يعمل بالرعي ثم عمل بالتجارة. تزوج في سن الخامسة والعشرين من خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل ذريته باستثناء إبراهيم. كان حنيفياً قبل الإسلام يعبد الله على ملة إبراهيم ويرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية.انزل الوحي عليه وكُلّف بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سراً لثلاث سنوات، قضى بعدهن عشر سنوات أخر في مكة مجاهراً بدعوة أهلها وكل من يرد إليها من التجار والحجيج وغيرهم. هاجر إلى المدينة المنورة والمسماة يثرب آنذاك عام 622 م وهو في الثالثة والخمسين من عمره بعد أن تآمر عليه سادات قريش ممن عارضوا دعوته وسعوا إلى قتله؛ فعاش فيها عشر سنين أخر داعياً إلى الإسلام، وأسس بها نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت لاحقاً وشملت مكة وكل المدن والقبائل العربية، حيث وحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية.
خلفية تاريخية
من الناحية السياسية، كانت شبه جزيرة العرب مفككة، لا توحدها دولة ولا تديرها حكومة، وكانت الدول القديمة التي قامت في اليمن ونجد وأطراف العراق والشام قد اندثرت، وطغت البداوة على المدن الباقية في الحجاز، فكانت القبيلة هي الوحدة السياسية والإجتماعية، وكانت مكة تُدار من قبل الملأ في دار الندوة. والمدينة المنورة في حالة نزاع دائم بين الأوس والخزرج. أما دولة المناذرة في الحيرة ودولة الغساسنة في الأردن والجولان فقد سمح الفرس والروم للدولتين بالنشوء لتكونا دولتين حاجزتين تصدان عنهما غزو القبائل العربية، وتتوليان حماية القوافل التجارية. وقد أسقط الفرس دولة المناذرة سنة 602م قبل البعثة المحمدية بثمان سنوات.
أما من الناحية الإقتصادية، فقد كان بدو العرب يعتمدون على الرعي والتنقل لأماكن الماء، مما يجعلها في حروب مع بعضها للحصول على المورد الأفضل.أما في المدن، فكان يقوم فيها النشاط التجاري والزراعي والصناعي، فمكة كان يغلب عليها النشاط التجاري، وتتحكم بطرق التجارة بين اليمن والشام حيث تمر القوافل، وقد استفادت مكة من مكانة الكعبة الدينية عند العرب في حماية قوافلها التجارية.
مواقع أهم القبائل والممالك في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام
أما المدينة فكان يغلب عليها الزراعة حيث بساتين النخيل والأعناب والفواكه. واستعمل العرب الدينار البيزنطي والدرهم الفارسي في التبادل التجاري.أما الصناعة فقد عُرفت المدينة بصياغة الحلي الذهبية والفضية؛ وصناعة السيوف والرماح والنبال والدروع، كما قامت في المدن العربية حرف الحدادة والصياغة والدباغة، والغزل والنسيج. وكان العرب يعرفون أنواعًا من المعاملات المالية كالقراض والمضاربة والرهن.
من الناحية الدينية كانت الوثنية تسود شبه جزيرة العرب بشكل غالب،حيث كانوا يعبدون آلهة يمثلونها في أصنام مصنوعة من الحجر والخشب بلغ عددها 360 صنمًا حول الكعبة تعبدها القبائل التي تؤم البيت للحج وتقدم لها القرابين والنذر.كان من أقدمها وأكبرها "مَناة" (لهُذَيْل وخزاعة)، و"اللات" (لثقيف)، و"العُزَّى" (لقريش مع كثير من القبائل الأخرى). ومع ذلك بقي لديهم شعائر من بقايا دين إبراهيم مثل تعظيم الكعبة، والطواف بها، والحج، والعمرة.وكان هناك أفراد من الموحدين على ملة إبراهيم وإسماعيل كانوا موجودين في مكة عرفوا بـ الأحناف. تواجدت أيضًا ديانات بشكل محدود مثل اليهودية في اليمن والمدينة، والنصرانية في نجران والحيرة ودوحة الجندل وأطراف الشام. كذلك وُجد انتشار محدود للمجوسية قادمًا من إيران.
نسبه
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب (واسمه شيبة) بن هاشم (واسمه عمرو) بن عبد مناف (واسمه المغيرة) بن قصي (واسمه زيد) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (وهو الملقب بقريش) بن مالك بن النضر (واسمه قيس) بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (واسمه عامر) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، غير أنه لم يحدد عدد ولا أسماء من كانوا بين عدنان وإسماعيل وإن ثبتت الصلة بينهما. وكان لمحمد صلة قرابة تربطه بجميع بطون قريش، قال ابن عباس: «إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة.
أسماء آباء وأمهات النبي محمد
أبوه: هو عبد الله بن عبد المطلب، أمّه "فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب"، وكان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب وأعفّهم وأحبّهم إليه وأصغرهم من بين أولاده، وهو الذبيح، الذي فداه أبوه بمئة من الإبل في الواقعة المعروفة حسب التراث الإسلامي.
أمّه: هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، كان أبوها سيد بني زهرة نسبًا وشرفًا، وأمّها هي "برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب". وكانت آمنة تُعد يومئذٍ أفضل امرأة في قريش نسبًا وموضعًا.
أعمامه وعماته: هم الزبير، والعباس، وحمزة، والمقوم (واسمه عبد العزى)، والحارث، والغيداق، وأبو لهب (واسمه عبد العزى)، وأبو طالب (واسمه عبد مناف)، وضرار. وأما عماته فهنّ عاتكة، وأميمة، وأروى، والبيضاء (وهي أم حكيم)، وبرّة، وصفية.
أخواله وخالاته: لم يكن لمحمد أخوال وخالات (أخوة لأمّه) إلا عبد يغوث بن وهب، وكان بنو زهرة يقولون إنهم أخوال محمد لأن آمنة أمّه كانت منهم.
يعتقد المسلمون بأن الله اصطفى نبيّهم محمدًا واختاره من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب، حيث قال «خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي»، وقال أيضًا «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» وقال أيضًا: «إن الله تعالى خلق الخلق، فجعلني في خير فرقهم، وخير الفرقتين، ثم تخيّر القبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم تخيّر البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا، وخيرهم بيتًا»
نشأته
أوّل من أرضعته من المراضع وذلك بعد أمه بأسبوعثويبة مولاة أبي لهب، كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت محمدًا بلبن ابن لها يقال له "مسروح"، ويروي البخاري أنه «لما مات أبو لهب رآه بعض أهله بمنامه، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألقَ بعدكم (أي لم ألقَ بعدكم خيرًا) غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة». وكانت ثويبة قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي وقيل بل أرضعتهما معه. وكانت أم أيمن واسمها "بركة الحبشية" تحضنه حتى كبر،وكان يقول لها "يا أُمّه"، وكان إذا نظر إليها قال "هذه بقية أهل بيتي".
كان من عادة العرب أن يلتمسوا المراضع لمواليدهم في البوادي، فجاءت نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن أطفالًا يرضعنهم فكان محمد من نصيب حليمة بنت أبي ذؤيب لترضعه مع ابنها "عبد الله" في بادية بني سعد، وزوجها هو "الحارث بن عبد العزى بن رفاعة"، وكان لهما ابنتان هما "أنيسة" و"حذافة" ولقبها الشيماء والتي روي أنها كانت تحضنه مع أمها إذا كان عندهم. وأجمع رواة السير أن بادية بني سعد كانت تعاني إذ ذاك سنة مجدبة قد جفّ فيها الضرع ويبس الزرع، فلما جاء محمد إلى باديتهم عادت منازل حليمة مخضرّة وأغنامها ممتلئة الضرع. وكانت حليمة تذهب به لأمه كل بضعة أشهر، وقد عاش هناك سنتين حتى الفطام وعادت به حليمة إلى أمّه لتقنعها بتمديد حضانته خوفًا من وباء بمكة وقتها ولبركة رأتها هي وزوجها من هذا الرضيع فوافقت آمنة.
وعندما بلغ سن الرابعة، وقيل الخامسة حدثت له حادثة "شق الصدر" والتي قد ورد في كتب السير تكرار مثيلها أكثر من مرة، فأعادته حليمة إلى أمه، وقد روى مسلم تلك الحادثة فقال:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك. ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه (جمعه وضم بعضه إلى بعض) ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (مرضعته) فقالوا: إن محمدًا قد قُتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.
توفيت أمّه، وهو ابن ستة سنوات أثناء العودة من زيارة لأخواله من بني عدي بن النجار، بمكان يسمى الأبواء(وهي قرية من أعمال الفُرُع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا) فحضنته أم أيمن، وحملته إلى جده عبد المطلب ليكفله بعد ذلك ليعيش معه بين أولاده. ولما توفي عبد المطلب بمكة ومحمد ابن ثماني سنوات، ورأى قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبو طالب شقيق أبيه، فكفله أبو طالب وضمه لأولاده وقدّمه عليهم، وظل يعزه ويحميه ويؤازره ما يربو على الأربعين سنة، يصادق ويخاصم من أجله حتى توفي في عام الحزن.
شبابه
لم يكن عمّه أبو طالب ذا مال وفير، فاشتغل محمد برعي الغنم يأخذ عليه أجرًا مساعدةً منه لعمّه، فقد ورد عنه أنه قال «ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم. فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة»، وفي الثاني عشر من عمره سافر مع عمه أبي طالب إلى الشام للتجارة، فلما نزلوا منطقة "بصرى" في الشام مرّوا على راهب اسمه "بحيرى" وكان عالمًا بالإنجيل، فجعل ينظر إلى محمد ويتأمله ويكلّمه، ثم دار بينه وبين أبي طالب حوار:
قال الراهب لأبي طالب: ما يكون هذا الغلام منك؟ قال: ابني. قال: ما هو بابنك وما ينبغي أن يكون أبوه حيًا. قال: فإنه ابن أخي. قال: فما فعل أبوه؟ قال أبو طالب: توفي وأمه حبلى به. قال: فما فعلت أمه؟ قال: توفيت قريبًا. قال: صدقت، ارجع بابن أخيك إلى بلدك واحذر عليه اليهود فوالله إن رأوه أو عرفوا منه الذي أعرف ليبغنه عنتًا فإنه كائن لابن أخيك شأن عظيم نجده في كتبنا وما ورثنا من آبائنا، وقد أخذ علينا مواثيق. قال أبو طالب: من أخذها عليكم؟ فتبسم الراهب ثم قال: الله أخذها علينا، نزل به عيسى بن مريم، فأقلِل اللبث وارجع به إلى بلده مولده، فإني قد أديت إليك النصيحة، فإن اليهود تطمع أن يكون فيها ومتى يعلموا أنه من غيرها يحسدوه. فأسرع به أبو طالب عائدًا إلى مكة.
لُقب بمكة بـ "الصادق الأمين"، فكان الناس يودعونه أماناتهم لما اشتهر به من أمانة. وكذلك فإنه لم يسجد لصنم قط، رغم أنتشار ذلك في قريش ولم يشارك شبابهم في لهوهم ولعبهم، وإنما كان يشارك كبرائهم في حربهم ومساعدتهم بعضًا بعضًا، ففي الرابعة عشر من عمره وقيل في العشرين من عمره حدثت "حرب الفِجَار" بين قريش ومن معهم من كنانة وبين هوازن، فشهد بعض أيامهم، وقد قال عن تلك الحرب «كنت أنبل على أعمامي» أي أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم بها. كما شارك قريش في "حلف الفضول" وهو ميثاق عقدته قريش في دار عبد الله بن جدعان بمكة، وتعاهدت فيه أن تحمي الضعفاء والمظلومين، قال محمد «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا، لو دعيت به في الإسلام لأجبتم». ولمّا أصاب الكعبة سيل أدّى إلى تصدّع جدرانها، قرر أهل مكة هدمها وتجديد بناءها، وفي أثناء ذلك اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في موضعه، فاتفقوا على أن يضعه أول شخص يدخل عليهم فلما دخل عليهم محمد وكان عمره خمسًا وثلاثين سنة قالوا "هذا الأمينُ قد رَضينا بما يقضي بيننا"، فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه.
نزول الوحي
غار حراء، حيث نزل من الله على محمد الوحي
لما بلغ محمد سن الأربعين اعتاد أن يخرج إلى غار حراء (طوله أربعة أذرع "2.16م"، وعرضه ذراع وثلاثة أرباع ذراع "0.945م") في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة في الجانب الشمالي الغربي منها في كل عام شهرًا من السَّنة، فيأخذ معه الطعام والماء ليقيم فيه الشهر بأكمله ليتعبد ويتأمّل ويتحنّث. ويعتقد المسلمون بأنه في يوم الاثنين في السابع عشر من رمضان وقيل في الرابع والعشرين منه وقيل 21 رمضان ليلًا، الموافق 10 أغسطس سنة 610م نزل الوحي لأول مرّة على محمد وهو في غار حراء، فيروي البخاري في صحيحه:
أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه المَلك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: ﴿اقرأ باسم ربّك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربّك الأكرم * الذي علّم بالقلم * علّم الإنسان ما لم يعلم﴾. فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زمّلوني زملّوني، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرّحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرءًا تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوَمخرجيّ هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلا عُودِي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا
ثم ما لبث ورقة أن توفي، فكان يقول محمد عنه: «لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين»، ثم بعد تلك الحادثة، فَتَر عنه الوحي مدة قيل أنه ثلاث سنوات وقيل أقلّ من ذلك، ورجح البوطي ما رواه البيهقي من أن المدة كانت ستة أشهر، تروي عائشة بنت أبي بكر ذلك فتقول: «وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلّما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدّى له جبريل، فقال: "يا محمد، إنك رسول الله حقًا". فيسكن لذلك جأشه، وتقرّ نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك». يقول أيضًا عن نفسه محدّثًا عن تلك الفترة:
فبينا أنا أمشي، سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء، قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجئثت منه، حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت: زملوني زملوني، فأنزل الله تعالى: ﴿يا أيّها المدثر * قم فأنذر * وربّك فكبّر * وثيابك فطهّر * والرجز فاهجر﴾
وبذلك يكون أول ما نزل علي من القرآن بعد أول سورة العلق، أول سورة القلم، والمدثر والمزمل والضحى والليل. ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع لمدة ثلاثة وعشرين عامًا حتى وفاته.وكان يقول عندما سُئل: كيف يأتيك الوحي؟ «قال صلى الله عليه وسلم: أحيانًا في مثل صلصلة الجرس، فهو أشده عليّ فيفصم عني وقد وعيت ما قال. وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول»، قالت عائشة: «ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقًا».
وفي نفس تلك الفترة حدثت له حادثة "شق الصدر" للمرّة الثانية، يقول عن تلك الحادثة عندما سأله أبو ذر الغفاري: كيف علمت أنك نبي أول ما علمت حتى علمت ذلك واستيقنت؟ فقال:
يا أبا ذر، أتاني ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة، فوقع أحدهما في الأرض والآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: هو هو. قال: فزِنه برجل، فوُزنت برجل فرجحته، ثم قال: زنه بعشرة، فوزنني بعشرة فرجحتهم، ثم قال: زنه بمائة، فوزنني بمائة فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف، فوزنني بألف فرجحتهم، فجعلوا ينتثرون علي من كفة الميزان. فقال أحدهما للآخر: لو وزنته بأمّته رجحها. ثم قال أحدهما لصاحبه: شُقَّ بطنه. فشق بطني، ثم قال أحدهما: أخرج قلبه أو قال: شق قلبه. فشق قلبي فأخرج منه مغمز الشيطان وعلق الدم، فطرحها. ثم قال أحدهما للآخر: اغسل بطنه غسل الإناء واغسل قلبه غسل الإناء أو اغسل قلبه غسل الملاءة. ثم دعا بالسكينة كأنها وجه هرة بيضاء، فأدخلت قلبي ثم قال أحدهما لصاحبه: خط بطنه. فخاطا بطني وجعلا الخاتم بين كتفي. فما هو إلا أن وليا عنّي فكأنما أعاين الأمر معاينة
الإسراء والمعراج (2 ق هـ)
صورة من الأعلى للصخرة الموجودة في قبة الصخرة في المسجد الأقصى، حيث عرج محمد منها إلى السماوات العُلى
بعد رحلة الطائف على أرجح الأقوال،حدثت للنبي محمد رحلة الإسراء والمعراج، وقد اختُلف في تحديدها على عشرة أقوال، فقيل أنها كانت ليلة السابع والعشرين من رجب بعد البعثة بعشر سنين (3 ق هـ)، وقيل بل كانت ليلة السبت السابع عشر من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرًا (2 ق هـ)، وقيل في السابع عشر من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة (1 ق هـ). وجمهور المسلمين يؤمنون بأن هذه الرحلة كانت بالروح والجسد معًا يقظةً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وكانت قد حدثت له حادثة شق الصدر للمرة الثالثة قبل أن يركب البراق، بصحبة جبريل. فنزل في المسجد الأقصى وربط البراق بحلقة باب المسجد، وصلّى بجميع الأنبياء إمامًا، ثم عُرج به إلى فوق سبع سماوات مارًا بالأنبياء آدم، ويحيى بن زكريا وعيسى بن مريم، ويوسف، وإدريس، وهارون وموسى وإبراهيم. وانتهى إلى سدرة المنتهى ورأى الجنة والنار. وأنه قد رأى ربّه بعيني رأسه (بحسب رأي جمهور علماء المسلمين)، وفٌرض عليه الصلوات الخمسة بعد أن كانت خمسين صلاة. ثم انصرف في ليلته عائدًا راكبًا البراق بصحبة جبريل، فوصل مكة قبل الصبح، فلما أصبح أخبر قومه برحلته فاشتد تكذيبهم له وأذاهم، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فتمثّل له بيت المقدس حتى عاينه، فبدأ يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئًا، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال. وصدّقه بكل ما قاله أبو بكر فسُمي يومئذ الصّدّيق.
الهجرة إلى المدينة (1 هـ / 622م)
اشتد البلاء على المسلمين من قريش بعد بيعة العقبة الثانية، فشكوا ذلك إلى محمد واستأذنوه في الهجرة إلى يثرب، فأذن لهم، فجعل القوم يخرجون ويخفون ذلك، فكان أول من قدم المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم قدم المسلمون أرسالاً فنزلوا على الأنصار في دورهم فآووهم ونصروهم. ولم يبق بمكة منهم إلا النبي محمد وأبو بكر وعلي أو مفتون محبوس أو ضعيف عن الخروج
ولما رأت قريش خروج المسلمين، خافوا خروج محمد، فاجتمعوا في دار الندوةواتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من قريش شابًا فيقتلون محمد فيتفرق دمه في القبائل. وأتى جبريل محمد فأخبره الخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر محمد عليًا أن ينام مكانه ليؤدي الأَمانات التي عنده ثم يلحق به. واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثوا على رؤوسهم التراب تاليًا من القرآن آيات من سورة يس، فجاء إلى أبي بكر بعد أن أذن الله له بالهجرة، وقد كان أبو بكر قد جهز راحلتين للسفر، فأعطاها محمد لعبد الله بن أُرَيْقِط، على أن يوافيهما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، فخرجا ليلة 27 صفر سنة 14 من النبوة (1 هـ)، الموافق 12/13 سبتمبر سنة 622م، وحمل أبو بكر ماله كلّه ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف، فمضيا إلى غار ثور فدخلاه وضربت العنكبوت على بابه بعش، وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم، فخرجت قريش في طلبه حتى وصلوا باب الغار، فقال بعضهم «إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد» فانصرفوا. ومكث محمد وأبو بكر في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، حتى خرجا من الغار 1 ربيع الأول، وقيل ليلة الإثنين 4 ربيع الأول، وكان أبو بكر قد استأجر "عبد الله بن أريقط" دليلاً لهما. فلما راحوا منها عرض لهم سراقة بن مالك وهو على فرس له فدعا عليه محمد فرسخت قوائم فرسه فقال يا محمد أدع الله أن يطلق فرسي وأرجع عنك وأرد من ورائي ففعل فأطلق ورجع فوجد الناس يلتمسون محمد فقال «ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ههنا» فرجعوا عنه.
ولما وصل خبر خروج محمد وأبي بكر من مكة، بدأ المهاجرون يرصدون قدوم محمد في كل يوم في منطقة "الحرّة" حتى وصل قباء يوم الإثنين 8 ربيع الأول،وقيل 12 ربيع الأول فجاءه المسلمون يسلمون عليه، ونزل على كلثوم بن الهدم، وكان يتحدث مع أصحابه في منزل سعد بن خيثمة، ونزل أبو بكر على خبيب بن إساف.وأقام علي بن أبي طالب بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى الودائع التي كانت عند محمد للناس، حتى إذا فرغ منها لحق بمحمد فنزل معه على كلثوم بن هدم. وبقي محمد وأصحابه في قباء عند بني عمرو بن عوف يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجد قباء لهم، ثم انتقل إلى المدينة فدخلها يوم الجمعة 12 ربيع الأولسنة 1 هـ الموافق 27 سبتمبر سنة 622م،وعمره يومئذ ثلاث وخمسين سنة، ومن ذلك اليوم سميت يثرب بـ مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعبر عنها بالمدينة مختصرًا أو المدينة المنورة. ولما دخل المدينة، راكبًا ناقته القصواء، تغنت بنات الأنصار فرحات:
طلع البدر علينا......من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا......ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا..جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة..مرحبًا يا خير داع
واعترضته الأنصار لا يمر بدار من دورهم إلا قالوا «هلم يا نبي الله إلى القوة والمنعة والثروة» فيقول لهم خيرًا ويدعو لهم، ويقول «إنها مأمورة فخلوا سبيلها»، فجعل الناس يكلمونه في النزول عليهم، حتى انتهت فبركت في مربدلغلامين يتيمين من بني النجار فأمر ببناء مسجد عليه، وهو المسجد النبوي الآن، ثم جاء أبو أيوب الأنصاري فحطّ رحله فأدخله منزله فقال محمد «المرء مع رحله»، وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته، فكانت عنده، وخرجت جوارٍ من بني النجّار فرحات بقدومه وهنّ يضربن بالدف ينشدن: «نحن جوار من بني النجار، يا حبّذا محمد من جار». وكان أول شيء يتكلم به في المدينة أن قال «يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا والناس نيام وادخلوا الجنة بسلام».وبعد أيام وصلت إليه زوجة النبي محمد سودة بنت زمعة، وبنتاه فاطمة وأم كلثوم، وأسامة بن زيد، وأم أيمن، وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر، ومنهم عائشة، وبقيت زينب عند أبي العاص، لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر، بعد أن وقع زوجها أسيرًا لدى المسلمين، ثم أُطلق سراحه شرط أن يترك زينب تهاجر للمدينة.
وقد اتّخذ عمر بن الخطاب من مناسبة الهجرة بداية التاريخ الإسلامي، لكنهم أخّروا ذلك من ربيع الأول إلى محرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في محرم، إذ كانت بيعة العقبة الثانية في أثناء ذي الحجة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال محرم، فكان بداية التاريخ الإسلامي والمسمى بـ التقويم الهجري.
فتح مكة
كان من نتائج صلح الحديبية أن دخلت قبيلة خزاعة في حلف محمد، فسَرَت عليها بنود الصلح، في حين تحالف أعداؤهم بنو بكر مع قريش، وكان بين بني بكر وخزاعة حروب وقتلى في الجاهلية، فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر الإسلام، فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرًا، ثم أغارت بنو بكر على خزاعة على ماء لهم يقال له "الوتير" ليلاً في خفية، فقتلوا منهم أناس، وأمدت قريش بني بكر بالسّلاح وقاتل بعضهم معهم. فلما انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على محمد وهو جالس في المسجد فقال:
يَـا رَبّ إنّي نَاشِدٌ مُحَمّدًا...........حِلفَ أبِينَا وأبِيهِ الأتْلَدَا
قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدًا..........ثُمّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
فَانْصُرْ هَدَاك اللّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا....وَادْعُ عِبَادَ اللّهِ يَأْتُوا مَدَدَا
إنّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا.........وَنَقَضُوا مِيثَاقَك الْمُوَكّدَا
هُمْ بَيّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجّدًا...............وَقَتَلُونَا رُكّعًا وَسُجّدَا
وزَعَمُوا أنْ لَستُ أَدعُو أَحَدًا.......وَهُـم أَذَلُّ وَأَقَـلُّ عَـدَدًا
فقال له محمد «نُصِرتَ يا عمرو»، ثم جاء أبو سفيان بن حرب قادمًا من مكة يريد تجديد الصلح، فُوبل بالرفض. ثم أمر الناس بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة وهو يكتم ذلك حتى يبغت قريشًا، واستنفر الأعراب والقبائل المسلمة، فخرج في 10,000 مقاتل يوم 10 رمضان 9 هـ، والناس يومئذ صائمون. ولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبد المطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلمًا مهاجرًا، ثم لما كان بالأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث وابن عمته عبد الله بن أبي أمية فأسلما، ثم عسكر بالجيش في مر الظهران وأُوقدت عشرة آلاف نار، فجاء أبو سفيان بن حرب يتحسس، فلقيه العباس بن عبد المطلب وجاء به إلى محمد فأسلم أبو سفيان. وفي يوم الثلاثاء 17 رمضان سنة 8 هـ، تابع الجيش مسيره إلى مكة، في أثناء ذلك مرّ سعد بن معاذ بأبي سفيان قائلاً: «اليوم يوم الملحمة، اليوم تُسْتَحَلُّ الكعبة» فلما بلغ ذلك القول محمدًا قال: «كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، يوم تُكسَى فيه الكعبة».ثم رجع أبو سفيان إلى مكة وجعل ينادي بكلمات أعطاها لها محمد: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! ومن أغلق عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن». ثم دخل الجيش مكة موزعين؛ فكان خالد بن الوليد ومن معه دخلها من أسفلها، والزبير بن العوام ومن معه من أعلاها، وأبو عبيدة بن الجراح من بطن الوادي وأمرهم أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، وأهدر يومئذ دماء تسعة نفر، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، فلم يحصل قتال إلا ما كان من خالد بن الوليد ومن معه فقد قتلوا اثني عشر رجلاً ثم وصل الجيش الكعبة، فدخلوا المسجد، فأقبل محمد إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا، فجعل يطعنها بالقوس ويقول ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ والأصنام تتساقط على وجوهها. ثم خاطب قريشًا فقال
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.. ثم قال: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: فإني أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطُلَقَاء
ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه، والأنصار تحته يقول بعضهم لبعض «أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته». فجاءه الوحي بما يقولون، فقال «يا معشر الأنصار، قلتم "أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته"؟» قالوا: «قلنا ذلك يا رسول الله» قال «فما اسمى إذن، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم» فأقبل إليه الأنصار يبكون
حجة الوداع
مكث محمد في المدينة تسع سنين لم يحج فيها، وفي سنة ذي القعدة سنة 10 هـ عزم محمد على الحج، فأذن في الناس أنه خارج، فقدم المدينة بشرٌ كثيرٌ كلّهم يلتمس أن يأتم بالنبي محمد. فكانت حجّة الوداع أو حجّة البلاغ أو حجّة الإسلام، لأنه ودّع الناس فيها ولم يحجّ بعدها، ولأنه ذكر لهم ما يحلّ وما يحرم وقال لهم «هل بلغت؟»، ولأنه لم يحج من المدينة غيرها، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها. وفي يوم السبت 25 ذو القعدة سنة 10 هـ خرج محمد على ناقته "القصواء" إلى مكة للحج، وخرج معه حوالي 100,000 من المسلمين من الرجال والنساء، واستعمل على المدينة أبا دُجانة. فلما وصل ذا الحليفة أحرم هناك وصلى العصر ثم أكمل مسيره ملبيًا «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
دخل محمد مكة ضحى يوم الأحد 4 ذو الحجة من الثنية العليا، ودخل المسجد الحرام صبحًا من "باب عبد مناف" وهو باب بني شيبة المعروف الآن بـ "باب السلام"،وكان إذا أبصر البيت رفع يديه وقال «اللهم زِد هذا البيتَ تشريفًا وتعظيمًا ومهابةً وبرًا، وزِد مَن شَرَّفه وكرَّمه ممن حجّه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا». ثم دخل المسجد فبدأ بالحجر الأسود فاستلمه وفاضت عيناه بالبكاء ثم طاف بالبيت سبعًا، ثم صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم، ثم دخل زمزم فنزع له دلو فشرب منه ثم مجّ فيه ثم أفرغها في زمزم. ثم سعى بين الصفا والمروة سبعًا. وفي 8 ذو الحجة توجه إلى منى فبات فيها. وفي 9 ذو الحجة توجه إلى عرفة فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم، ثم خطب فيهم خُطبة الوداع، جاء فيها:
إن دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، ي بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمَيّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ، وإن أول دم أضعُ من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هُذيل. وربا الجاهلية موضوعٌ، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح. ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات
وفي ذلك الموقف على جبل عرفة نزلت الآية القرآنية ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. ويشير المؤرخون بأنه في طريق عودته من مكة إلى المدينة في غدير خم قرب الجحفة تحت شجرة هناك، خطب محمد بالمسلمين ذَكَرَ فيها من فضل علي بن أبي طالب وأمانته وقربه إليه، وقد استدلّ الشيعة بتلك الخطبة على أحقيّة علي بخلافة وإمامة المسلمين بعد وفاة النبي محمد، بينما يرى أهل السنة أنه قد بيّن فضائل علي للذين لم يعرفوا فضله، وحث على محبته وولايته لما ظهر من ميل المنافقين عليه وبغضهم له، ولم يقصد أن يوصِ إليه ولا إلى غيره بالخلافة
وفاته
كان أول ما أُعلم به النبي محمد باقتراب أجله ما أُنزل عليه في فتح مكة، ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾. وبعد عودة محمد من حجة الوداع، أمر أسامة بن زيد بالمسير إلى أرض فلسطين، فبينا الناس كانوا يتجهّزون إذ ابتدىء محمد بشكواه الذى توفي فيه في ليال بقين من صفر، فاستبطأ الناس في الخروج لوجع محمد. وكان أول ما ابتدىء به من وجعه أنه خرج إلى البقيع ليلاً فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح ابتدىء وجعه وكان صداع الرأس مع حمّى، ويُروى أن سبب مرضه هو السمّ الذي دُسّ له في طعام وهو في خيبر، وكان من شدة وجعه أن كان يُغمى عليه في اليوم الواحد مرات عديدة. ثم دعا نساءه فاستأذنهن في أن يُمرّض في بيت عائشة بنت أبي بكر فانتقل إلى بيتها يمشي بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب. وبعد ذلك خرج عاصبًا رأسه حتى جلس على المنبر فقال «عبد خيّره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده» ففهم أبو بكر وبكى وقال «فديناك بآبائنا وأمهاتنا» فقال محمد «إنّ أمنّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن إخوة الإسلام. لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر»، ثم خطب فيهم مرات دعا فيها إلى إنفاذ جيش أسامة بن زيد، وأوصى المسلمين بالأنصار خيرًا. ولما ثقُل عليه المرض، أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، وعاد جيش أسامة بن زيد إلى المدينة وكان قبل وفاته بستة أيام تجمع عنده عدد من الصحابة فقال لهم وهو يبكي: «مرحبًا بكم وحيّاكم الله، حفظكم الله، آواكم الله، نصركم الله، رفعكم الله، هداكم الله، رزقكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم».وكانت عامة وصيته حين حضره الموت «الصلاة، وما ملكت أيمانكم».
فلما كان يوم الإثنين الذى توفي فيه، (بعد 13 يومًا على مرضه) خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح ففرحوا به، ثم رجع فاضطجع في حجر عائشة بنت أبي بكر، ثم تُوفي وهو يقول «بل الرفيق الأعلى من الجنة»، وكان ذلك ضحى يوم الإثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، الموافق 8 يونيو سنة 632م وقد تّم له ثلاث وستون سنة. فلما توفي قام عمر بن الخطاب غير مصدّقٍ للأمر، فقال «والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليبعثنه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم»،وجاء أبو بكر فكشف عن وجه محمد فقبّله، وقال «بأبي أنت وأمي، طبتَ حيًا ميتًا»، ثم خرج فقال كلمته المشهورة «ألا من كان يعبد محمدًا صلى الله عليه وسلم، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت» وقرأ ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾. يقول من شهد هذا الموقف «فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ». وقالت ابنته فاطمة الزهراء «يا أبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه».
ثم أقبل الناس يوم الثلاثاء على تجهيز محمد، فقام علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى محمد، بتغسيله وعليه ثيابه. ثم قام الصحابة برفع فراش محمد الذي توفي عليه في بيت عائشة، فحفر أبو طلحة الأنصاري له قبرًا تحته. ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالاً، دخل الرجال، ثم النساء، ثم الصبيان، ولم يؤم الناس أحد. ثم أنزله القبرَ عليّ والعباس وولداه الفضل وقُثَم، ورشّ قبره بلال بالماء، ورُفع قبره عن الأرض قدر شبر، وكان ذلك في جوف الليل من ليلة الأربعاء..
معجزاته
الرسول محمدًا أتى بعدد من المعجزات موجودة في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي؛ ويشير القرآن في عدة مواضع أن الرسول لم يُؤْتَ آيات أو معجزات كآيات الرسل من قبله وإنما أوتي القرآن، فهو معجزته الأساسية الباقية. من تلك المعجزات الأخرى انشقاق القمر، وتسبيح الحصي بين يديه وهناك معجزات أخرى.
القرآن
المصحف العثماني، أقدم نسخة من القرآن.
إنَّ القرآن هو معجزة النبي محمد الأساسية التي لم يستطع أحد على مر العصور أن يأتي بمثله بالرغم من تحدّيه بذلك، حيث ورد في القرآن: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾. ويتمثل إعجاز القرآن بشكل أساسي في بلاغته وفصاحته، فكان الإعجاز اللغوي هو أول وأهم أسباب إعجاز القرآن، لذا يعتبر علماء السنة أن ترجمة ألفاظ القرآن إلى لغات أخرى بنفس الدقة التي جاءت بها اللغة العربية هو أمر مستحيل. والإعجاز اللغوي يشمل عدة أوجه؛ منها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته، ومنها صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له. ومن وجوه الإعجاز الأخرى ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد، وما أنبأ به من أخبار القرون الماضية والشرائع السالفة. وحديثًا ظهر تيار يعتقد بوجود إعجاز علمي في القرآن، حيث تفسر بعض الآيات على أنها تثبت نظريات علمية لم يكتشفها العالم إلا بعد فترة طويلة جدًا من ظهور القرآن
انشقاق القمر
صورة لأخدود وُجد على سطح القمر أُخدت من قبل طاقم أبولو 10، والذي يفسره بعض المسلمين بأنه نتيجة معجزة انشقاق القمر
أجمع المفسرون وأهل السنة من المسلمين على وقوع معجزة انشقاق القمر لأجل النبي محمدكإحدى المعجزات الباهرات،وذلك بناء على طلب قريش كدليل على صدق نبوته، وكان ذلك قبل الهجرة إلى المدينة المنورة. قال عبد الله بن مسعود «انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا». وقال المشركون: هذا سحرٌ سحركم ابن أبي كبشة، ولكن انظروا إلى من يقدم من السفّار فسلوهم، فقدِموا فسَألوهم فقالوا: رأيناه قد انشق». وفي ذلك نزلت آية من القرآن ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾.
زوجاته
زوجات محمد بن عبد الله والمعروفات بأمهات المؤمنين
زوجات محمد يعرفن في الإسلام بـ أمهات المؤمنين، وقد اختُلف في عدد زوجات النبي اللاتي دَخَل بهنّ على قولين؛ أنهنّ إثنتا عشر أو إحدى عشر، وسبب الاختلاف هو في مارية القبطية، هل هي زوجة له أم ملك يمين. فالمتَّفق عليه من زوجاته إحدى عشرة. القرشيات منهنّ ست، هن: خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة، وأم حبيبة.والعربيات من غير قريش أربع، هن: زينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وزينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث. وواحدة من غير العرب وهي صفية بنت حيي من بني إسرائيل. وتبقى مارية القبطية وهي من مصر. وتوفِّيت اثنتان من زوجات النبي محمد حال حياته، وهما خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة، وتُوفي هو عن تسع نسوة.
أبناؤه ومواليه
كان لمحمد من الأولاد ثلاثة بنين وأربع بنات، جميعهم من زوجته خديجة إلا إبراهيم فهو من مارية، وكل أولاده ماتوا في حياته إلا فاطمة فإنها توفيت بعده. وأولاده البنين هم: القاسم وعبد الله وإبراهيم، وأما البنات فهنّ: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، فأما زينب فتزوجها قبل الهجرة ابن خالتها أبو العاص بن الربيع، وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان الواحدة بعد الأخرى، وأما فاطمة فتزوجها علي بن أبي طالب بين بدر وأحد، ومنها كان الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.
امتلك محمد عددًا من الموالي، منهم: زيد بن حارثة (وكان قد تبنّاه قبل الإسلام قبل إلغاء التبني) وأسامة بن زيد وثوبان بن بجدد وأبو هند، وأبو لبابة. ومن الإماء امتلك مارية القبطية (على خلاف في أنه هل أعتقها فتزوجها أم لا)، وريحانة بنت زيد (إحدى سبايا بني قريظة).
أسماؤه
ورد في التراث الإسلامي أنه كان لمحمد عدّة أسماء، فكان يقول عن نفسه «إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب»، وقال أيضًا «أنا نبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملحمة». وقد اختلف علماء الدين الإسلامي في أسماء كثيرة أخرى، فجعلها بعضهم كعدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسمًا، وعدّ منها الجزولي في "دلائل الخيرات" 200 اسم، وأوصلها ابن دحية إلى 300 اسم. وقد كان من أهم أسباب الخلاف أن بعضهم رأى كل وصف وُصف به النبي في القرآن من أسمائه. في حين قال آخرون إن هذه أوصاف وليست أسماء أعلام. قال النووي: «بعض هذه المذكورات صفات، فإطلاق الأسماء عليها إنما هو مجاز».
صفته الشكلية
جمع المسلمون ما توارثوه الصحابة من وصف خلقة نبيّهم في كتب كثيرة عرفت باسم كتب الشمائل، وأشهر هذه الكتب هو (الشمائل المحمدية)، للترمذي. حيث ذكر فيه أحاديث كثيرة في وصفه، وكان مما جاء فيه مفرقًا:
رسم على البلاط لأثر قدم النبي محمد والذي تركه على "الصخرة" التي عرج منها إلى السماء في رحلة الإسراء والمعراج، يعود تاريخها للعام 1706، وهي محفوظة الآن في متحف بيناكي للفن الإسلامي في أثينا في اليونان
جسمه: كان فخمًا مفخمًا مربوعًا، ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب، لم يكن يماشي أحدًا من الناس إلا طاله. وكان أزهر اللون، ليس بالأبيض الأمهق، ولا بالأسمر.
رأسه وشعره: كان ضخم الرأس، عظيم الهامة. شديد سواد الشعر ولم يكن في شعره شديد الجعودة ولا مرسل، بل كان جعدًا رِجلا (فيه تثن قليل). توفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء وقد كان كثّ اللحية.
ذراعاه ويداه: كان طويل الذراعين كثيرا الشعر، رحب الراحة غليظ الكفين والقدمين، طويل الأطراف، وكان ضخم المفاصل.
إبطاه: كان أبيض الإبطين، وهي من علامات النبوة.
منكباه وصدره وبطنه: كان منكباه واسعين، كثيري الشعر، وكذا أعالي الصدر. وكان عاري الثديين والبطن. سواء البطن والصدر، عريض الصدر. طويل المسربة موصول ما بين اللبة (النقرة التي فوق الصدر) والسرة بشعر يجري كالخيط.
خاتم النبوة: غُدّة حمراء مثل بيضة الحمامة، أو مثل الهلال، فيها شعرات مجتمعات كانت بين كتفيه. وهي من علامات النبوة.
وجهه وجبينه: كان أسيل الوجه (المستوي) سهل الخدين ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة. وكان واسع الجبين مستويًا.
عيناه وحاجباه: كان طويل شِق العينين شديد سواد العينين في بياضها حمرة وكانت عيناه واسعتين ذات أهداب طويلة كثيرة. وكان حاجباه قويين مقوَّسين، متّصلين اتصالاً خفيفًا، بينهما عرق يدرّه الغضب.
أنفه: كان أنفه مستقيمًا، أقنى (طويلاً في وسطه بعض ارتفاع)، مع دقة أرنبته (هي ما لان من الأنف).
فمه وأسنانه: كان واسع الفم، في أسنانه رقة وتحدد، إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه.
قدماه: كان ضخم القدمين، يطأ الأرض بقدمه كلها ليس لها أخمص (الجزء المرتفع عن الأرض من القدم)، وكان منهوس العقبين (قليل لحم العَق)